باحةَ الحُبِّ والصِّبا والشَّبابِ=خبِّريني, ما سِرُّ هذا العَذابِ ؟
ما لعينيكِ تذرفان دموعاً=كدموعي وتوقظان اكتئابي ؟!
أنا – والله – قد كتمتُ أَنيني=وعلى حسرتي طويتُ ثيابي
وتظاهرتُ بالتجلُّد حتى=خِلْتُ أني سَلَبْتُ طَبْع الهضابِ
وتجَّملْتُ بابتسامة ثغري=في لقائي بالأهل الأصحابِ
في حنايا الفؤادِ خبَّأْتُ حُزني=وحبست الدموعَ عن أهدابي
فلماذا أرى مَلامحَ جرحي=نَقَلتْها إليَّ خُضْرُ الرَّوابي ؟
ولماذا أرى الجبالَ قِلاعاً=من أنيني مغمورةً بالضَّباب ؟
مَنْ روى للجبال قِصَّةَ حُزني=وأَنيني, ومَنْ روى للشعابِ ؟!
باحةَ الحُبِّ, كم أَرَحْتِ فؤادي=فلماذا جَنَحْتِ للإِتعابِ ؟!
كُنتِ لي مسرحاً لأُنسي وصَفْوي=كيف أصبحتِ مسرحاً لاغترابي ؟!
كيف صارت فيكِ الرَّياحينُ تبدو=كسهامٍ تُصبيني وحِرابِ ؟!
كل شيءٍ هنا تغيَّر حتى=أصبح السيفُ مُنْكِرَاً للجِرابِ
صرتُ في حَيْرةٍ من الأمر حتى=خِلْتُ أني أخوضُ وَهْمَ السَّرابِ
باحةَ الحُبِّ, ما نسيتُ جمالاً=وجلالاً ولا فقْدتُ صوابي
غيرَ أني لاقيتُ فيكِ جراحي=واَجَهَتْني هنا بغيرِ حجابِ
لم أزلْ أذكر الأمومةَ نَهْراً=يمنح الأرض لَهْـفَة الإِخصابِ
يوم كانت "عَراُء " تفتح نحوي=من معاني سعادتي كلَّ بابِ
بين أُمِّي وبينَ جَدَّيَّ كنَّا=لا نرى غير أُلفَةٍ واقترابِ
كانت الدَّارُ خيمةً طرَّزَتْها= يَدُ أُمِّي بالبِشْر والتَّرْحَابِ
زيَّنَتْها أُمي الحبيبةُ حتى=أصبحتْ للحنان أغلى رِحَابِ
كانت الدَّارُ, ثم صارتْ, فَوَيْحي=من مساءٍ مُجرَّدٍ من شِهابِ
بين كانت وبين صارتْ رأينا=كيف يكوي القلوبَ حَرُّ المُصَابِ
أصبحتْ دارُنا كتابَ حَنينٍ=آهِ ممَّا حَوَتْ سطورُ الكتابِ
أين أُمِّي, يا قريتي, لا أَراها=حين آتي تَخُصُّني بالخطابِ ؟!
أين أمِّي, يا بُؤْسه من سؤالٍ=أتحاشى ما بعدَه من جوابِ ؟!
ودَّعَتْنا أُمِّي, فلّله حزنٌ=جارفٌ في الفؤادِ, لولا احتسابي
إنَّها سُنَّةُ الحياةِ, وإلاَّ=لم أَدَعْها وحيدةً في الترابِ
إنَّها الشمس, لم يَزَلْ في ضلوعي=نورُها ساطعاً برغمِ الغيابِ
الراقصون على القرميد
قبل 8 أعوام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق